ترى لحية زوجها غير منظمة فهل تأثم لو طالبته بإزالتها
السؤال:
زوجة ترى أن لحية زوجها غير جذابة ومنظمة ، فهل لها أن تطلب منه أن يزيلها؟ وهل تأثم بذلك؟
الجواب :
الحمد لله
يحرم على الرجل حلق لحيته ، وتقصيرها ؛ للأدلة
الآمرة بإعفائها .
وينظر : جواب السؤال رقم (
110462)
ورقم (
100909)
والواجب على المؤمن أن يسلّم ويذعن لأمر الله تعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه
وسلم ، وألا يكون في نفسه حرج أو ضيق من ذلك ، كما قال تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ
لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65
وقال جل وعلا : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ
يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36
وقد أحسن الزوج بإعفائه لحيته دون مبالاة بكونها
جذابة أو غير جذابة .
ولا يجوز للزوجة أن تطلب منه حلقها أو تقصيرها
، وتأثم بذلك ؛ لأنها دعوة إلى المعصية ومخالفة الشرع .
ونصيحتنا لها أن تتقبل هذا الأمر براحة نفس وانشراح
صدر ، وأن تعلم أن امتثال أمر الشرع فيه الخير والفلاح والنجاح ، وأن من أطلق لحيته
فهو متشبه بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وبالأنبياء قبله ، وبالصحابة والتابعين
ومن بعدهم من أهل الخير والفضل ، فإن حلق اللحية لم يعرف إلا في الأزمنة المتأخرة
جدا .
وإن مما يعينها على قبول هذا الأمر أن تعلم أن الله
يبتلي عباده بما شاء من السراء والضراء كما قال : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ
وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/35 ، فإن كانت تنفر من
اللحية ، أولا يعجبها مظهر زوجها بها : فلتصبر على ذلك ، وهي مأجورة إن شاء الله
، وحسبها أن زوجها إنما أراد طاعة ربه وامتثال أمره .
غير أن نصيحتنا ـ أيضا ـ للزوج أن يعتني بالتزين
لزوجته ، بما أمكنه من المباحات المناسبة للرجال ، فهذا من حقها عليه ، كما أن من
حقه عليها أن تتزين له ، لقول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/228 . قال ابن عباس رضي الله عنهما : " إنِّي أُحِبُّ أَنْ
أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ , كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ ,
لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ} وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنْنظفَ حَقِّي عَلَيْهَا
[ أي :
أستوفيه وأستقصيه ], لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ }. " رواه ابن أبي شيبة (5/272) والطبري في
تفسيره (4/532) .
قال القرطبي رحمه الله :
" قال العلماء : أما زينة الرجال فعلى تفاوت
أحوالهم ، فإنهم يعملون ذلك على اللبَق والوفاق ، فربما كانت زينة تليق في وقت ولا
تليق في وقت ، وزينة تليق بالشباب ، وزينة تليق بالشيوخ ولا تليق بالشباب ، ألا ترى
أن الشيخ والكهل إذا حف شاربه لِيق به ذلك وزانه ، والشاب إذا فعل ذلك سمج ومقت ؛
لأن اللحية لم توفر بعد ، فإذا حف شاربه في أول ما خرج وجهه سمج ، وإذا وفرت لحيته
وحف شاربه زانه ذلك . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أمرني ربي
أن أعفي لحيتي وأحفي شاربي )
[ أخرجه ابن
جرير وغيره ، وحسنه الألباني ]
، وكذلك في شأن الكسوة ، ففي هذا كله ابتغاء الحقوق ، فإنما يعمل على اللبق والوفاق
عند امرأته في زينة تسرها ويعفها عن غيره من الرجال .
وكذلك الكحل من الرجال : منهم من يليق به ، ومنهم
من لا يليق به . فأما الطيب والسواك والخلال
[ يعني : تنظيف الأسنان ]
والرمي بالدرَن وفضول الشعر والتطهير وقلم الأظفار فهو بين موافق للجميع ... "
انتهى . "تفسير القرطبي" (3/124) .
والخلاصة : أنه لا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها
أن يزل لحيته ، لما في ذ لك من الأمر بمعصية الله ، وعلى الزوج أن يتزين
لامرأته بتسريح لحيته وتنظيفها وتطييبها ، واستعمال ما يليق بمثله من الزينة
المباحة .